صون السيادة… معركة وعي قبل أن تكون صراع نفوذ

ادهم البهادلي ✍️

تمرّ الدول بلحظات مفصلية يصبح فيها الدفاع عن السيادة واجبًا وطنيًا لا يحتمل التردّد أو المساومة. والعراق، بما يمثّله من ثقل حضاري وجغرافي وسياسي، يقف اليوم أمام تحديات تتطلّب وعيًا جماعيًا وموقفًا واضحًا يحفظ كرامة الوطن ويصون استقلاله.

السيادة ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل منظومة متكاملة من القرارات والإرادة الوطنية التي تمنع تحويل البلاد إلى ساحة صراع أو ورقة ضغط بيد أي جهة من الداخل أو الخارج. وعلى مدى سنوات طويلة، عانى العراق من تدخّلات، تجاذبات، وانقسامات حاولت النيل من إرادته الحرة. غير أنّ التاريخ أثبت مرارًا أن هذا البلد، مهما اشتدت عليه الأزمات، ظل قادرًا على الوقوف من جديد، مستندًا إلى عمق حضارته وقوة أبنائه.

إنّ رفض الخضوع لأي قوة خارجية لا يعني الانغلاق أو التصادم، بل يعني إقامة علاقات متوازنة تقوم على الندية والاحترام المتبادل، حيث يكون القرار العراقي صادرًا من بغداد فقط، لا من عواصم أخرى. فالدولة التي تستعيد قرارها تستعيد هيبتها، والدولة التي تحمي كرامتها تحمي مستقبل أجيالها.

كما أن مواجهة “قوى الظلام” ليست مواجهة عسكرية فحسب، بل هي مواجهة معرفية وأخلاقية تتطلب نشر الوعي، ودعم القانون، وتعزيز مؤسسات الدولة، وتوحيد الخطاب الوطني بعيدًا عن الانقسامات. فالوطن لا يُحمى بالشعارات وحدها، بل يُحمى بعمل جاد وإصرار على الإصلاح ومحاربة الفساد وترسيخ العدالة.

اليوم، يقف العراقيون أمام فرصة لإعادة رسم ملامح دولتهم الحديثة، دولة تعتمد على سيادتها كقاعدة صلبة، وتتعامل مع الخارج بثقة لا بخضوع. وهذه ليست مهمة الحكومة وحدها، بل مسؤولية شعب بأكمله، فكل مواطن هو خط الدفاع الأول عن هوية هذا الوطن.

وفي النهاية، يظل العراق ــ الذي لا ينحني عبر العصور ــ بحاجة إلى موقف موحّد يعبّر عنه أبناءه: لا مساومة على السيادة، ولا مكان لمن يحاول إهانة كرامة البلاد أو جرّها إلى صراعات لا تخدم شعبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *